التاريخ يخبرنا بما قد يحدث بعد البريكسيت وترامب



*توبياس ستون
23 يوليو 2016 | المادة الأصلية

يبدو أننا بصدد دخول حلقة جديدة من تلك المواسم الحمقاء التي يفرضها البشر على أنفسهم لفتراتٍ منتظمة إلى حد ما. أرسم في هذا المقال معالم لآراء مبنية على معلومات، قد تثبت صحتها، أو خطئها، ويقصد بها فقط الاشتباك ضمن حوارٍ أوسع تكون هذه المعلومات جزءً منه.

تعتمد خلفيتي العلمية على علم الآثار، كذلك علم التاريخ والأنثروبولوجيا. يقودني ذلك إلى النظر لأنماطٍ تاريخية كبيرة. تنص نظريتي على أن رؤية معظم الشعوب للتاريخ محدودة بالخبرات التي رواها لهم آبائهم وأجدادهم، أي ما بين 50 إلى 100 عام. للاطلاع على ما يتجاوز ذلك يفترض أن تقرأ، تدرس وتتعلم استجلاء البروبجاندا الحتمية في جميع روايات التاريخ. بإيجاز، قد أرسب في ورقة بحثية إن لم أقارن بين وجهتي نظر متعارضين على الأقل، إن لم تكن ثلاث، بشأن الموضوع محل البحث. فتبنّي روايةٍ واحدة للأحداث دون شكوك لا يعد مقبولًا في المنهج التحليلي للبحوث المقارنة التي تشكل جوهر الأكاديمية البريطانية. (لا أستطيع الجزم بالنسبة للنظم الأخرى، لكنها بالتأكيد ليست جميعها على حد سواء في هذا الصدد).

بالنظر إلى المشهد الأكبر نجد أننا، البشر، لدينا عادة الدخول في فترات من الدمار الشامل، والتي نفرضها عادة على أنفسنا إلى حد ما. تشمل هذه القائمة المفيدة جميع الحروب على مر الزمان. الحروب هي في الواقع القاعدة بالنسبة للبشر، لكن بين الحين والآخر يتبلور شيء ما كبير.. أنا مهتم بالموت الأسود (انتشار الطاعون في أوروبا)، الذي دمر أوروبا. تصف افتتاحية كتاب Decameron للكاتب الإيطالي بوكاتشيو مدينة فلورنسا في قبضة الطاعون. الأمر أبعد من الخيال كحال معركة سوم، هيروشيما والهولوكوست. أقصد أنه لا يمكنك حرفيًا وضع نفسك هناك وتخيل ما كانت عليه تلك الأحداث. أما بالنسبة لمن كانوا بين أنياب الوباء، فلا بد أنه بدا كنهاية العالم.

لكن إحدى السمات المميزة للبشر هي مرونتهم. بالنسبة لنا الآن يبدو واضحًا أننا قد نجونا من الطاعون، لكن بالنسبة لهم لا بد أنه كان من غير القابل للتصديق أن يستمر مجتمعهم بعد ذلك. بالفعل، ينطوي العديد من التصورات عن تأثيرات الموت الأسود على أنه كان له أثر إيجابي على المدى الطويل. توجز بشكل جيد في الآتي: "عبر استهداف الأشخاص الضعفاء من جميع الأعمار، وقتلهم بمئات الآلاف خلال فترة قصيرة للغاية، ربما مثّل الموت الأسود قوة عظيمة من الانتقاء الطبيعي، والتي قضت على أضعف الأفراد على نطاق واسع للغاية داخل أوروبا" ... علاوة على ذلك، غيّر الموت الأسود بشكل كبير الهيكل الاجتماعي لبعض المناطق الأوروبية. فقد خلق تناقص تعداد السكان نقصًا في القوة البشرية العاملة. تسبب هذا النقص في ارتفاع الأجور، وانخفاض أسعار المنتجات أيضًا. وبالتالي، ارتفعت مستويات المعيشة. على سبيل المثال، بدأ السكان في استهلاك طعام أكثر بجودةٍ أعلى".

لكن بالنسبة لمن مروا بهذه التجربة، كذلك الحروب العالمية، المجاعات السوفيتية والهولوكوست، لا بد أنه بدا من غير المعقول أن البشر يستطيعون تجاوزها والنهوض. انهيار الامبراطورية الرومانية، الموت الأسود، محاكم التفتيش الإسبانية، حرب الثلاثين عامًا، حرب الوردتين، الحرب الأهلية الانجليزية... وتطول القائمة بأحداث الدمار الشامل التي تعافت منها البشرية وتابعت مسارها، عادة بشكل أفضل.

على مستوى محلي في تلك الفترات يشعر الناس بأن الأمور على ما يرام، ثم تخرج الأمور عن السيطرة بسرعة حتى تصبح غير قابلة للإيقاف، لنوقع دمارًا شاملًا على أنفسنا. بالنسبة لمن يعيشون في خضم هذا، يستعصي عليهم رؤية ذلك وفهمه. لكن بالنسبة للمؤرخين لاحقًا، يبدو الأمر منطقيًا تمامًا، ونرى بوضوح كيف أدى أمرٌ إلى الآخر. خلال الذكرى المئوية لمعركة سوم، أدهشني أنها كانت نتيجة مباشرة لاغتيال أرشيدوق نمساوي في البوسنة. أشكك كثيرًا في أن أيًا ممن عاشوا تلك الفترة فكر في أن قتل فردٍ ملكي أوروبي يؤدي إلى موت 17 مليون شخص.

وجهة نظري هي أن هذه دورة. تحدث مرارًا وتكرارًا، لكن بما أن معظم البشر لديهم منظور تاريخي يتراوح مداه بين 50 و100 عام فإنهم لا يرون أن الأمر يتكرر. مع تبلور الأحداث التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى، كان هناك قليل من العقول اللامعة التي بدأت في التحذير من أن شيئًا كبيرًا كان خاطئً، من أن شبكة المعاهدات في أنحاء أوروبا يمكن أن تؤدي إلى حرب، لكنها رفضت بوصفها هستيرية، مجنونة أو حمقاء، مثلما يحدث دائمًا، والأشخاص الذين يقلقون بشأن بوتين، البريكسيت وترامب يتعرضون للرفض الآن.

ثم بعد الحرب لإنهاء جميع الحروب، حافظنا على مسارنا وخضنا حربًا أخرى. ومجددًا، بالنسبة لمؤرخ، كان يمكن التبؤ بالأمر تمامًا. قد الشعب ليشعر بأنه فقد السيطرة على بلده ومصيره، فيبحث الشعب عن كباش فداء، وقائد كاريزمي يسيطر على المزاج الشعبي ويركز اهتمامه على هذا الكبش. يتبنى خطابًا لا يحمل أي تفاصيل، ويثير الغضب والكراهية. بعد فترة وجيزة تبدأ الحشود في التحرك بشكل متحد، دون أي منطق يقود أفعالها، وتصبح الجموع خارجة عن السيطرة.

كان ذلك هتلر، لكنه كان أيضًا موسوليني، ستالين، بوتين وموجابي، والكثيرين غيرهم. يعد مواجبي مثالًا جيدًا للغاية بهذا الصدد. فقد أثار الغضب الوطني والكراهية تجاه الأقلية البيضاء المالكة للأراضي (التي كانت بالفعل تعرف كيفية إدارة المزارع)، واستولى على أراضيها لإعادة توزيعها على الشعب، في خطوة شعبوية كبيرة أدت في النهاية إلى تداعي الاقتصاد وقطاع الزراعة وتركت الشعب مالكًا للأرض، لكنه جائع. اطلع أيضًا على المجاعات التي صنعها الاتحاد السوفيتي، والمجاعة التي أحدثها الحزب الشيوعي الصيني خلال القرن الماضي مخلفةً قتلى يتراوح عددهم بين 20-40 مليون شخص. يبدو من غير المعقول أن البشر يمكنهم خلق وضع حيث يموت عشرات الملايين من الأشخاص دون سبب، لكننا نفعل ذلك مرارًا وتكرارًا.

لكن في فترة الحدث لا يدرك البشر أنهم يتخذون مسارًا يؤدي بهم إلى حقبة من الدمار. يظنون أنهم محقون، يلقون تشجيعًا من قبل الحشود الغاضبة المستهزِئة، ويتعرض منتقدوهم للسخرية. هذه الدورة، التي شهدناها في عدة أمثلة؛ من معاهدة فيرساي، حتى ظهور هتلر، إلى الحرب العالمية الثانية، يبدو أنها تتكرر ثانية. لكن كما الحال سابقًا، معظم البشر لا يستطيعون إدراك ذلك لأنهم:

1)     ينظرون إلى الحاضر فقط، وليس للماضي أو المستقبل.
2)     ينظرون حولهم مباشرةً، وليس إلى كيفية ارتباط الأحداث ببعضها عالميًا.
3)     معظم البشر لا يقرأون، ولا يفكرون، ولا يردون على الآراء المعاكسة ولا يستمعون إليها.
يفعل ترامب هذا بأمريكا. هؤلاء منّا المراقبين بعض الشيء للتاريخ يمكنهم رؤية ذلك. اقرأ هذا المقال الطويل العبقري في مجلة "نيويورك" لتدرك كيف وصف بلاتو كل هذا، الأمر يحدث تمامًا مثلما توقع. يقول ترامب إنه سوف يجعل أمريكا عظيمة مجددًا، بينما في الواقع هي عظيمة حاليًا، وفقًا لأي إحصاءات تقريبًا. إنه يستخدم العاطفة، الغضب والخطاب بنفس طريقة جميع سابقيه – نرجسي لديه كاريزما يتغذى على الحشود ليصبح أقوى، لينشأ مذهبًا يحيط به. يمكنك لوم المجتمع، السياسيين، الإعلام، على وصول أمريكا إلى مرحلة أصبحت مستعدة فيها لترامب، لكن الصورة التاريخية الأكبر تظهر أن التاريخ بشكل عام يتخذ نفس المسار نحو نفس النهاية كلما أصبح شخص مثله زعيمًا.

على نطاقٍ أوسع من المشهد، نجد أن روسيا دكتاتورية لديها قائد متمتع بالكاريزما يستخدم الخوف والعاطفة لينشئ مذهبًا يحيط به. تحقق ذلك في تركيا أيضًا. كما تتخذ المجر، بولندا وسلوفاكيا ذات المسار، وفي أنحاء أوروبا ينتظر في الصفوف شخصيات ترامبية وبوتينية أخرى، هي في الواقع ممولة من قبل بوتين، وتنتظر الموجة الشعبوية لتحملهم.

ينبغي أن نسأل أنفسنا عما ستكون عليه لحظة الأرشيدوق فرديناند خاصتنا. كيف سيدشن حدث يبدو صغيرًا حقبة من الدمار الشامل. نرى البريكسيت، ترامب وبوتين بشكل منعزل. لكن العالم لا يعمل بهذه الطريقة – فجميع الأحداث مترابطة وتؤثر ببعضها البعض. لديّ أصدقاء مؤيدون للبريكسيت يقولون "حسنًا، ستلقي باللوم على البريكسيت لحدوث ذلك أيضًا؟؟" لكنهم لا يدركون أنه في الواقع، نعم، المؤرخون يتعقبون الخطوط الدقيقة من أحداث تبدو غير ذات صلة وصولًا إلى تحولات اجتماعية وسياسية مثل البريكسيت.

يلهم البريكسيت – وهم مجموعة من الأشخاص الغاضبين فازوا بمعركة – بسهولة مجموعات أخرى من البشر الغاضبين لبدء معركة مشابهة، معززين بواسطة فكرة أنهم قد يفوزوا. يمكن لهذا وحده أن يطلق سلسلة من ردود الأفعار. فالانفجار النووي لا ينتج عن انشطار ذرة واحدة، بل بتأثير الذرة الأولى التي تنشطر متسببة في انشطار ذرات أخرى مجاورة، والتي بدورها تتسبب في انشطار عدة ذرات أخرى. الزيادة الأسية في انشطار الذرات، ومجموع طاقتها، هي القنبلة الفعلية. هكذا بدأت الحرب العالمية الأولى و، للمفارقة، انتهت الحرب العالمية الثانية.

يمثل هذا التصور مثالًا على كيف قد يؤدي البريكسيت إلى حرب نووية:

يتسبب البريكسيت في المملكة المتحدة في إجراء إيطاليا أو فرنسا لاستفتاء مشابه. تفوز لوبان بالانتخابات في فرنسا. تمتلك أوروبا الآن اتحاد أوروبي ممزق. لقد منع الاتحاد الأوروبي، رغم أخطائه المروعة العديدة، نشوب حرب في أوروبا لمدة طويلة غير مسبوقة. كذلك يمثل الاتحاد الأوروبي قوة كبرى في قمع الطموحات العسكرية لبوتين. فقد ضربت العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا اقتصادها بشكل حقيقي، وساعدت في تهدئة هجمات روسيا على أوكرانيا (هناك سبب لتطلع الأشرار الدائم لإضعاف الاتحاد الأوروبي). يفوز ترامب في الانتخابات الأمريكية ويصبح انعزاليًا، ما يضعف الناتو. وقد قال بالفعل إنه لن يفي بالتزامات الناتو بشكل تلقائي في مواجهة هجوم روسي على دول البلطيق.

في وجود اتحاد أوروبي ممزق، وناتو مثخن، يحتاج بوتين في مواجهة أزمة اجتماعية واقتصادية مستمرة في روسيا إلى إلهاءٍ خارجي آخر ليحشد حوله شعبه. فيموّل نشطاء أقصى اليمين المناهضين للاتحاد الأوروبي في لاتفيا، الذين يخلقون بدورهم سببًا لانتفاضة من قبل اللاتفيين الروس في شرق البلاد (حدود الاتحاد الأوروبي مع روسيا). فترسل روسيا "قوات حفظ سلام" و"شاحنات مساعدات" إلى لاتفيا، مثلما فعلت في جورجيا وأوكرانيا. فيستولي على شرقي لاتفيا مثلما فعل في شرقي أوكرانيا (وللتذكير فإن القرم بها نفس عدد سكان لاتفيا).

ترفض أوروبا المنقسمة، بينما أصبح قادة فرنسا، المجر، بولندا، سلوفاكيا، ودول أخرى مناصرين لروسيا، ومناهضين للاتحاد الأوروبي، وممولين من قبل بوتين، الدعوات لفرض عقوبات أو للرد عسكريًا. الناتو بطيء الاستجابة: فترامب لا يريد لأمريكا أن تشارك، وجزء كبير من أوروبا غير مكترث أو يكبح أي تصرف. فتتقدم روسيا، مع عدم رؤيتها لأي مقاومة حقيقية لأفعالها، نحو لاتفيا، ثم إلى داخل شرقي إستونيا وليتوانيا. تعلن دول البلطيق الحرب على روسيا وتبدأ بالرد، مع تعرضها للغزو ونفاذ خياراتها الأخرى. تتحيز إلى صفها نصف دول أوروبا، تظل دول قليلة على الحياد، وتتحيز دول قليلة إلى صف روسيا. أين تقف تركيا من هذا؟ كيف يستجيب داعش لحرب جديدة في أوروبا؟ من يستخدم الأسلحة النووية أولًا؟

يمثل ذلك واحدًا فقط من تصورات الأرشيدوق فرديناند. وعدد التصورات المحتملة لا نهائي بسبب التعقيد الهائل للأجزاء العديدة النشطة. بالتأكيد العديد منها لا يؤدي إلى حدوث شيء. لكن بناء على التاريخ فإننا مقبلون على فترة أخرى من الدمار، وبناء على التاريخ جميع المؤشرات تدل على أننا بصدد الدخول إلى إحداها.

سوف يأتي الأمر بطرق لا نستطيع رؤيتها، وسوف يخرج عن السيطرة بسرعة شديدة لدرجة عجز البشر عن إيقافه. لكن المؤرخين سوف يسترجعون الأحداث ويجدونها منطقية ويتسائلون كيف أمكننا أن نكون بهذه السذاجة. كيف يمكنني أن أجلس في مقهى لطيف بلندن، أكتب هذا المقال، دون أن أرغب في الهرب. كيف يمكن للناس أن يقرأونه ويصدرون تعليقات رافضة وساخرة عن كيف أن الأشخاص الرافضين للبريكسيت يجب أن يتوقفوا عن التأفف، وكيف يمكننا ألا نلقي بكل اللوم على البريكسيت. آخرون سيقرأون هذا المقال ويهزأون بي لقولي إن أمريكا في حال عظيم، وأن ترامب يمثل هتلر مستقبلي محتمل (نعم أعرف قانون جودوين. لكن مقارنتي تتعلق بقائد كاريزماتي نرجسي آخر يلهب نيران الكراهية إلى أن تخرج عن السيطرة). يسهل القفز إلى استنتاجات تعارض التوقعات المتشائمة بناء على ثقل التاريخ والتعلم. فاز ترامب في مواجهة الجمهوريين الآخرين في مناظرات عبر مواجهة مزاعمهم بإعطائهم ألقاب ورفضهم. إنه طريق سهل لكنه خاطئ.

تجاهل الخبراء والسخرية منهم، مثلما يفعل الناس فيما يتعلق بالبريكسيت وحملة ترامب، لا يختلف عن تجاهل طبيب يأمرك بالتوقف عن التدخين، لتكتشف لاحقًا أنك قد أصبت بنوع سرطان غير قابل للعلاج. أمر صغير يؤدي إلى دمارٍ غير قابل للإيقاف، والذي كان من الممكن الوقاية منه لو كنت فقط استمعت وفكرت قليلًا. لكن البشر يدخنون، ويموتون بسبب ذلك. هكذا يفعل البشر.

لذلك أشعر بأن الأمر كله حتمي. لا أعلم كيف سيكون، لكننا ندخل مرحلة سيئة. ستكون تجربة غير سارة لمن يمرون بها، ربما حتى سيتبين أنها جحيمية وأبعد من الخيال. لكن البشر سيصلون إلى نهايتها، سيتعافون، وسيستمرون. عندها سيكون العرق البشري بخير، بعدما ضربه التغيير، ربما إلى الأفضل. لكن بالنسبة للواقفين على الحافة – آلاف المعلمين الأتراك الذين تعرضوا للفصل للتو، الصحفيين والمحامين الأتراك القابعين بالسجون، المعارضين الروس في معسكرات الاعتقال، الأشخاص المثخنين بالجراح في المستشفيات الفرنسية بعد الهجمات الإرهابية، ولهؤلاء الذين لم يسقطوا بعد، ستكون هذه معركة سوم خاصتهم.

ماذا يمكننا أن نفعل؟ حسنًا، مجددًا، بمراجعة الماضي، على الأرجح ليس لدينا الكثير. فالمفكرون الليبراليون دائمًا ضمن الأقلية. الأشخاص الذين يرون أن المجتمعات المفتوحة، كون الناس لطيفين تجاه بعضهم البعض، تخليهم عن العنصرية، عدم خوض حروب، تمثل طريقة معيشة أفضل، ينتهي بهم الحال عادة بخسارة معاركهم. فهم لا يحاربون بقذارة. وهم مريعون في مناشدة الجماهير. كما أنهم أقل عنفًا، لذلك ينتهي بهم الأمر في السجون، المخيمات والمقابر. يجب أن نحرص على اتحادنا، ينبغي علينا تجنب التيه في الجدال بالحقائق والمنطق، ومواجهة الرسائل العاطفة والغضب الشعبوية برسائلنا المشابهة. يتعين علينا فهم واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. نحن في حاجة إلى تسخير خوف مختلف. فالخوف من حرب عالمية أخرى كاد أن يوقف الحرب العالمية الثانية، لكنه فشل. يجب أن نتجنب الانغلاق على أنفسنا. فداعمو ترامب وبوتين لا يقرأون صحيفة الجارديان، لذلك فالكتابة بها تعد مجرد طمأنة لأصدقائنا. ينبغي علينا أن نجد طريقة لمد جسور التواصل من مجموعاتنا المنغلقة إلى المجموعات المنغلقة الأخرى، أن نحاول عبور الفجوات الاجتماعية الآخذة في الاتساع بشكل غير مسبوق.

*توبياس ستون رائد أعمال، أكاديمي وكاتب.

Share this:

0 comments:

Post a Comment